كيف تتعاملي مع مشكلة التنمر عند طفلك ؟
كيف تتعاملي مع مشكلة التنمر عند طفلك
التنمر مشكلة موجودة بكثرة بين كثير من أطفالنا ، و معظم الأهالي لا تكترث لخطورة تلك المشكلة و تظن أن الطفل يكبر حجم الموضوع و أنه كلام على سبيل الهزار و الدعابة ولكن في الحقيقة أثبت الدراسات أن التنمر يؤثر على عقل و آلية عمل مخ الطفل في حياته ، حيث كثرة التعرض للتنمر في سن الطفولة تؤثر على مناطق في الدماغ مسؤولة عن التعلم و الذاكرة ، فتلك المناطق تتقلص و يحدث لها تغير سلبي مما يؤدي لضعف قدرته على التحصيل الدراسي الجيد والتركيز ؛ و ليست فقط هذه المشكلة الوحيدة التي يسببها التنمر ، بل أيضاً يؤثر على الحالة النفسية لدى الطفل ، فتستطيع أن تلاحظ بسهولة علامات واضحة على الطفل المتعرض للتنمر مثل ( الحزن ، الاكتئاب ، الانطوائية ، اضطراب كلامية ، رهاب اجتماعي و غيرها … ) ، كما أن التنمر يؤثر في حياة الطفل اجتماعيا جداً ، فيكون لديهم صعوبة في تكوين أصدقاء و الانخراط في المجتمع من حوله بأريحية .
لكن نريد أن نعرف ما هو التنمر ؟؟
هو سلوك عدواني متكرر يصدر من فرد أو مجموعة أفراد على سبيل المثال ( في المدرسة) ، يتجهون تلك الأفراد للترصد و مضايقة طفل معين و السخرية منه بشتى الطرق و إشعاره بأنه شخصية منبوذة غير مرغوب فيها ، و ذلك بهدف إشعار أنفسهم أنهم الأقوي و فرض سيطرتهم على تلك الطفل .
التنمر يسبب مشاكل نفسية لدى الطفل يستمر أثرها على المدى البعيد من عمره ، و أحياناً يكون سببها هو الأب و الأم نفسهم و سنوضح ذلك أثناء مناقشة تلك المشكلة معاً ، و الشخص المتنمر هو الأخر سنتحدث عنه و لماذا يصبح طفل متنمر من الأساس ؟ .
موضوع التنمر الذي يعاني منه الأطفال في حياتهم خصوصاً في المدرسة كما أنها تؤثر على قدراته و مهارته في التفكير و التأقلم مع بيئته التعليمية في المدرسة أو وسط زملائه أو وسط عائلته ، لذلك سنتحدث عن أبعاد تلك العائق الذي يرهق كثير من أبنائنا و يحمل لهم عدة صدمات و مشاكل نفسية مزمنة.
ما سبب تعرض أطفال للتنمر و آخرين لا ؟؟
الطفل المتعرض للتنمر يمتلك عدة أسباب أدت لتعرضه لتلك المشكلة أدت لضعف ثقته بنفسه و بالفشل و ضآلة نظرته لذاته :
- التنمر يبدأ من البيت : الأهل أحياناً يكونون هم السبب الرئيسي في توليد عقدة التنمر عند طفلهم ، الموضوع يكون في صورة أشبه بالمزح أو كلام غير مقصود ظناً أنه لا يؤثر في نفسية الطفل إنه مجرد مزح !!
لكن في الحقيقة الطفل حساس جداً و يتأثر بكل شيء من حوله .. فعلى سبيل المثال تعليقات مثل: ( لماذا شعرك مجعد لهذه الدرجة!!.. لو كان شعرك أملس كان أفضل ) أو ( أنت قصير جداً لن تستطيع أن تقفز…دع أخيك الأطول منك يفعل ذلك) و غيرها من التعليقات السلبية التي تؤذي طفلك دون قصد.
- نظرة الطفل الداخلية لنفسه مع تكرار التنمر: عندما يتعرض طفلك للتنمر بشكل متكرر يكون عنده شعور بالدونية وأنه غير كافي في نظر نفسه مما يضعف من ثقته في نفسه .
- الخوف أو الرهبة الاجتماعية : الطفل دائم الخوف أو المنطوي اجتماعياً يكون أكثر عرضة للتنمر لعدم تفاعله مع من حوله وشعوره بالرهاب الاجتماعي.
- عدم تكوين صداقات : الطفل الذي لم يتعلم كيف يكون أصدقاء يكون معرض للتنمر من قبل الأطفال أكثر من غيره لأنهم يشعرون أنه لا يريد التعامل معهم مما يدفعهم للسخرية منه و من انفصاله عنهم .
- الخوف أو الجبن: الطفل الجبان، مهزوز الشخصية يصبح فريسة لأي طفل متنمر يحب من هم أضعف منه ليمارس سلطته عليهم ، فهو من أكثر أنواع الأطفال المعرضة للتنمر بسبب قلة ثقته بنفسه التي تجذب المتنمرين إليه.
لماذا يوجد أطفال متنمرين ؟
- الطفل المتنمر هو طفل تعرض للتنمر في البداية : بعض الأطفال عندما تتعرض للتنمر يولد هذا عندهم نوع من الرغبة في الانتقام و التنمر على من هم أضعف منهم كي يشعرون أنهم ليسوا وحدهم الذي يتعرض للتنمر ، و لتحقيق انتصار لديه بأنه أخيراً أصبح الطرف الأقوى الذي يمارس التنمر على الآخرين.
- التدليل الزائد للطفل : عندما يتربى الطفل على التدليل وتلبية رغباته والمبالغة في تنفيذ طلباته ينشأ طفل مغرور و متسلط يمارس قوته على زملائه الأضعف أو الأقل منه ، و أنه الشخص الأقوى و الأطفال الأخرى حق مكتسب لديه .
- عدم وضع حدود بشكل فعال مع الأسرة: عندما لا تضع الأسرة حدود مع طفلها وتربيه على الالتزام بالقوانين والتعليمات التي تضعها الأسرة ، يصبح طفل متنمر غير مهتم باحترام الأطفال أقرانه.
- صفات جسدية للمتنمر : عندما يجد المتنمر نفسه أقوى جسدياً من الطفل المتعرض للتنمر ، يجعله متحمس أكثر لممارسة التنمر على ذلك الطفل و فرض سيطرته و قوته عليه فيبدأ في ضربه أو شتمه أو أي شكل من أشكال العنف عليه .
- التنمر أكثر بين الأولاد عن البنات : البنات تميل أكثر إلى الهدوء أو الخجل لذلك نجد النسبة الأكبر في التنمر والعنف تكون بين الأولاد.
- العنف : يتكون المخ من عدة أجزاء ومن أهم أجزاء المخ ، المخ البدائي وهو المسئول بشكل صريح عن اعضاء الجسم والتأكد من إنها تعمل بكفاءة، وهناك جزء أيضاً مخصص لردود الافعال التلقائية حين يشعر الإنسان بالخوف، كرد فعل تلقائي إما يكون رد الفعل عنيف او رد فعل بالانسحاب
فالطفل العنيف هو في الأساس طفل تعرض بشكل كثيف لمشاعر الخوف والتهديد وبالتالي رد فعله هو العنف كنوع من أنواع دفع شعور الخوف والتعويض عنه، أيضاً عندما يتعرض الطفل للعنف يبدأ المخ بتكوين ذكريات سيئة تجاه ذلك الفعل و الاحتفاظ بها في المخ وتكوين صدمة نفسية تجاهه تلك الموقف السيء الذي تعرض فيه للعنف ، ومن ثم تكرار الفعل مره آخري حتى يستطيع المخ التعامل مع هذه الذكرى المؤلمة.
الأسلوب السليم للتعامل مع التنمر
الطفل المتعرض للتنمر
1-تعلم الدفاع عن النفس : عادتاً ما يكون التنمر على الطفل يصحبه عنف ، ولذلك تعليم الطفل ألعاب دفاعية قتالية يساعده بشكل كبير على الدفاع عن نفسه في حاله التعرض للتنمر.
أن تربي طفلك على أن يصبح قوي و يستطيع أن يدافع عن نفسه عن طريق ممارسة رياضة تساعده على فعل ذلك ، يساعده كثيرا في التغلب على التنمر .
2_الإمتناع عن السخرية على الطفل: احترام نفسية الطفل و عدم تعرضه للسخرية ولو على سبيل الهزار من طرف العائلة، يحد من مشكله التنمر ويرفع ثقته واستحقاقه لذاته، إذا إعتاد الطفل على التعامل باحترام ، سيقدر ذاته ويجبر الآخرين على احترامه.
3- التشجيع : التحفيز والتشجيع من أكثر الطرق الفعالة التى تساعد طفلك دائماً على إشعاره بالثقة سواء في التعامل مع الآخرين أو في الحياة بشكل عام، أيضاً الطفل الواثق في ذاته هو طفل مسئول قيادي قادر على اتخاذ القرارات من صغره ،و فعل ما يحبه … و يمكنك تجربة لعبة كوفي كيد التي ستساعدك على زيادة الثقة بالنفس لدى طفلك .
4- بيئه آمنه : وضع الطفل فى بيئات آمنه، يوجد بها أطفال ومجتمعات تشبهه الى حد كبير ، من خلال هذه المجتمعات يستطيع الطفل اغن يجد من يشاركه اهتماماته وبالتالي يستطيع اكتساب صداقات كثيرة بكل سهولة ، مما سيساعده على الشعور بأنه محبوب وأيضاً الشعور بالإنتماء.
5-التحدث أمام الاخرين: التحدث أمام عدد كبير من الاشخاص يستلزم ثقة بالنفس وتدريب منذ الصغر ، تدريب الطفل على التحدث والتعبير عن أفكاره من خلال ورش مخصصة لذلك تساعد الطفل بشكل كبير على التغلب على خجله ، وأيضا إعطاءه ثقة بشكل اكعبر على التحدث والدفاع عن نفسه في حال تعرضه للتنمر.
6- تكوين صداقات : منذ نعومه أظافرنا ونحن نسعى كبشر إلى الانتساب لجماعات، فهذا يشعرنا إننا نشبه الآخرين ويشعرنا بالإنتماء ، الطفل الذى لا يستطيع تكوين صداقات هو طفل يشعر بإنه لا يوجد من يشبهه ولا من يفهمه ولا يستطيع فعل أهم مهمة له بسهولة وهى اللعب مع أقرانه ، كما ذكرنا سابقاً. إعطاء الطفل مساحة للتفكير في كيفية التعرف على الآخرين ومن الممكن أن تساعديه كأم من خلال عمل مسرحيات فى المنزل وتعليمه كيف يبدأ صداقة مع طفل آخر ، ولا تنسى عزيزتى أن أسهل طريق لتعليم الطفل شيء جديد هي عن طريق اللعب.
7- الخوف والتهديد : تهديد الطفل وإشعاره بالخوف بشكل مستمر يجعله عرضه للتنمر، لذلك أوقفي هذا الأمر حتى تساعدي طفلك للتغلب على خوفه ، أيضاً الطفل الخائف والمضطرب بحاجه أكبر إلى سماع مشاعره ومساعدته على التعبير عن خوفه بشكل واضح ، حتى يتسنى له التخلص منه بالتدريج، ( الطفل الذكر لا يخف ) امنعى فورا هذه المعتقدات البالية من الطفولة واسمحى لطفلك بالإحساس بمشاعره بحرية لإنها حق له.
الطفل المتنمر
- وضع حدود للطفل : الطفل المتنمر غالباً ما يسعى الى كسر الحدود الموضوعة له بالمنزل، وتستصعب الأم تقويمه دائماً مما يجعلها تلجأ الى العنف كحل أخير. وضع الحدود يحتاج منك إلى هدوء وصبر وحزم ومثابرة فحين تضعين قاعده للمنزل كونى حازمة ولا تتراجعى فيها ولكن بلطف بدون تعنيف الطفل وتهديده.
- الألعاب القتالية : تهدف الألعاب القتالية إلى تعليم الطفل الدفاع عن نفسه لكن بقيود أخلاقية و زيادة ثقته بنفسه و قدرته على الدفاع عن نفسه .
- التعاون : التأكيد على مفاهيم كالتعاون والمساندة والدعم في المنزل من أهم النقاط لتشجيع الطفل على الانتماء لمجموعة ما ، فالطفل المتعاون هو طفل لطيف ويشارك الآخرين مما يجعله محبباً ، قد يكون طفلك قد كبر سناً إلا إنك تستطيعين التجربة والتركيز على التعاون بالرغم من سنه، فنحن نتطور ونتعلم بالتجربة والتكرار، عندما يجرب الطفل تجربة التعامل مع أقرانه في عمل مدرسي أو نشاط تفاعلي ، يولد نوع من التفاهم بينهم و المودة التي تساعد على خلق الاحترام و التعاون بينهم بدلاً من العنف و التنمر .
- إشبعى طفلك : الطفل المتنمر هو طفل فاقد الشعور بالحب بشكل كبير ، كثيراً ما ننسى في خضم الوقت أن نحضن ونشجع ونحفز اطفالنا، وأحياناً كثيرة نلبى احتياجاتهم المادية من الهدايا وغيرها من متطلبات الحياة وننسى أن المتطلبات المعنوية أهم للصحة النفسية للطفل .
- يوم عائلي مع أفراد الأسرة : يوم العائلة هو يوم تعقد فى جلسة عائلية لكل أطراف الاسرة ، يقضون وقت عائلى لطيف فى اللعب والمشاركة وسماع أطفالهم باهتمام ، ساعة أسبوعية قد تصنع العجب وتغير مسار طريقة طفلك فى التعامل مع الآخرين ونظرته الداخلية لنفسه، فالطفل الذى ينشئ على الدفء الأسرى يصبح طفل حنون قادر على فهم الآخرين والتعامل معهم بلطف .
الخلاصة
التنمر مشكلة أثرها يمتد لسنين طويلة لدى الطفل ، يجب مواجهتها والتصدي لها ، و عدم إهمالها على أنها مشكلة بسيطة ليست مهمة ، بل لها آثار نفسية كارثية على طفلك عندنا يكبر ؛ ربما تؤدي إلي صدمة نفسية أو عقدة تستمر معه في مرحلة البلوغ تعيقه عن تطوير ذاته أو إكسابه صفة معينة ، أو يصبح شخصية إنطوائية فاشلة اجتماعياً في المستقبل بسبب ما كانت تتعرض له في الصغر ، فيجب عليكِ تطوير شخصية طفلك و تقويتها و العمل على مواجهة التنمر مهما كانت العواقب.